فصل: ذِكْرُ الصَّبِيِّ وَالْمَرْأَةِ يُقْتَلَانِ فِي الْمَعْرَكَةِ:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الأوسط في السنن والإجماع والاختلاف



.ذِكْرُ مَنْ دُفِنَ قَبْلَ أَنْ يُغْسَلَ:

وَاخْتَلَفُوا فِي النَّبْشِ عَمَّنْ دُفِنَ وَلَمْ يُغْسَلْ، فَقَالَ أَكْثَرُ أَهْلِ الْعِلْمِ: يُخْرُجُ فَيُغْسَلُ، هَكَذَا قَالَ مَالِكٌ، وَالثَّوْرِيُّ، وَالشَّافِعِيُّ، إِلَّا أَنَّ مَالِكًا قَالَ: مَا لَمْ يَتَغَيَّرْ، وَقَالَ أَصْحَابُ الرَّأْيِ: إِذَا وُضِعَ فِي اللَّحْدِ وَلَمْ يُغَسَّلْ وَلَمْ يُهَلْ عَلَيْهِ التُّرَابُ أُخْرِجَ فَغُسِلَ وَصُلِّيَ عَلَيْهِ، وَإِنْ كَانُوا نَصَبُوا اللَّبِنَ، وَأَهَالُوا عَلَيْهِ التُّرَابَ لَمْ يَنْبَغِ لَهُمْ أَنْ يَنْبِشُوا الْمَيِّتَ مِنْ قَبْرِهِ.
قَالَ أَبُو بَكْرٍ: يُخْرَجُ وَيُغْسَلُ مَا لَمْ يَتَغَيَّرْ، كَمَا قَالَ مَالِكٌ، وَإِنْ نَسَوَا الصَّلَاةَ عَلَيْهِ لَمْ يُخْرَجْ، وَصُلِّيَ عَلَى الْقَبْرِ، لِلثَّابِتِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ صَلَّى عَلَى قَبْرٍ.

.ذِكْرُ مَا يُفْعَلُ بِالْمُحْرِمِ إِذَا مَاتَ:

2953- أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ بْنُ سُلَيْمَانَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ، قَالَ: أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، قَالَ: سَمِعْتُ سَعِيدَ بْنَ جُبَيْرٍ، يَقُولُ: سَمِعْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ، يَقُولُ: كُنَّا مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَخَرَّ رَجُلٌ عَنْ بَعِيرٍ، فَوُقِصَ فَمَاتَ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «اغْسِلُوهُ بِمَاءٍ وَسِدْرٍ، وَكَفِّنُوهُ فِي ثَوْبَيْهِ، وَلَا تُخَمِّرُوا رَأْسَهُ» قَالَ: فَزَادَ ابْنُ أَبِي حُرَّةَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «وَخَمِّرُوا وَجْهَهُ، وَلَا تُخَمِّرُوا رَأْسَهُ، وَلَا تُمِسُّوهُ طِيبًا، فَإِنَّهُ يُبْعَثُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مُلَبِّيًا» حَدَّثَنِي عَلِيٌّ، عَنْ أَبِي عُبَيْدٍ أَنَّهُ قَالَ: الْوَقْصُ كَسْرُ الْعُنُقِ، وَمِنْهُ قِيلَ لِلرَّجُلِ: أَوْقَصَ إِذَا كَانَ مَائِلَ الْعُنُقِ قَصِيرَهَا.
قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَقَدِ اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي تَخْمِيرِ رَأْسِ الْمُحْرِمِ الْمَيِّتِ، وَتَطْيِيبِهِ، فَقَالَتْ طَائِفَةٌ: يُصْنَعُ بِهِ كَمَا يُصْنَعُ بِسَائِرِ الْمَوْتَى هَذَا قَوْلُ عَائِشَةَ، وَبِهِ قَالَ ابْنُ عُمَرَ، وَطَاوُسٌ، وَالْأَوْزَاعِيُّ، وَأَصْحَابُ الرَّأْيِ، وَقَالَ مَالِكٌ: لَا بَأْسَ بِأَنْ يُحَنِّطَ الْحَلَالُ الْمُحْرِمَ الْمَيِّتَ بِالطِّيبِ.
2954- حَدَّثَنَا عَلِيُّ، قَالَ: ثنا حَجَّاجٌ، قَالَ: ثنا حَمَّادٌ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنِ الْأَسْوَدِ، عَنْ عَائِشَةَ، أَنَّهَا قَالَتْ: إِنَّمَا هُوَ جَسَدٌ، فَاصْنَعُوا بِهِ مَا تَصْنَعُونَ بِمَوْتَاكُمْ.
2955- حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، قَالَ: ثنا أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ، قَالَ: ثنا زُهَيْرٌ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنِ الْأَسْوَدِ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: يُكَفَّنُ الْمُحْرِمُ كَمَا يُكَفَّنُ غَيْرُ الْمُحْرِمِ.
2956- حَدَّثَنَا عَلِيُّ، قَالَ: ثنا حَجَّاجٌ، قَالَ: ثنا حَمَّادٌ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، أَنَّهُ غَسَلَ ابْنًا لَهُ مَاتَ وَهُوَ مُحْرِمٌ، فَقَالَ لَهُ وَاقِدٌ: فَغَطَّى رَأْسَهُ، وَصَنَعَ بِهِ مَا يُصْنَعُ بِالْحَلَالِ إِلَّا أَنَّهُ لَمْ يُمِسَّهُ طِيبًا، لِأَنَّهُمْ كَانُوا مُحْرِمِينَ. وَقَالَتْ طَائِفَةٌ: لَا يُغَطَّى رَأْسُهُ، وَلَا يُمَسُّ طِيبًا رُوِيَ هَذَا الْقَوْلُ عَنْ عَلِيٍّ وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: لَا يُغَطَّى رَأْسُهُ، وَقَالَ: الشَّافِعِيُّ: لَا يُمَسُّ بِطِيبٍ، وَلَا يُخَمَّرُ رَأْسُهُ، وَبِهِ قَالَ أَحْمَدُ، وَإِسْحَاقُ.
2957- حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، قَالَ: ثنا حَجَّاجٌ، قَالَ: ثنا حَمَّادٌ، عَنِ الْحَجَّاجِ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنِ الْحَارِثِ، عَنْ عَلِيٍّ، قَالَ: يُغْسَلُ بِالْمَاءِ وَالسِّدْرِ، وَلَا يُغَطَّى رَأْسُهُ، وَلَا يُمَسُّ طِيبًا.
2958- حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ، قَالَ: ثنا سَعِيدٌ، قَالَ: ثنا عَتَّابُ بْنُ بَشِيرٍ، عَنْ خُصَيْفٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: إِذَا مَاتَ الْمُحْرِمُ لَمْ يُغَطَّ رَأْسُهُ، فَإِنَّهُ يُبْعَثُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ يُلَبِّي.
قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَبِمَا ثَبَتَ عَنْ رَسُول اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَقُولُ، وَكَانَ الثَّوْرِيُّ يَمِيلُ إِلَى الْقَوْلِ بِالْحَدِيثِ، وَقَدْ رُوِّينَا عَنْ عَطَاءٍ قَوْلًا ثَالِثًا: وَهُوَ أَنْ يُغْسَلَ بِالْمَاءِ، وَيُكَفَّنُ، وَيُغَطَّى رَأْسُهُ، وَلَا يُحَنَّطُ.
قَالَ أَبُو بَكْرٍ: حَدِيثُ ابْنُ عَبَّاسٍ يَدُلُّ عَلَى مَعَانِيَ: يَدُلُّ عَلَى إِبَاحَةِ اغْتِسَالِ الْمُحْرِمِ الْحَيِّ بِالْمَاءِ وَالسِّدْرِ خِلَافَ قَوْلِ مَنْ كَرِهَ السِّدْرَ لِلْمُحْرِمِ، وَذَلِكَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَرَهُمْ: «أَنْ لَا تُخَمِّرُوا رَأْسَهُ، وَلَا تُقَرِّبُوهُ طِيبًا». كَفِعْلِ الْمُحْرِمِ الْحَيِّ، وَيَدُلُّ عَلَى إِبَاحَةِ تَكْفِينِ الْمَيِّتِ فِي الشَّفْعِ مِنَ الثِّيَابِ، وَيَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْكَفَنَ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ لِأَنَّهُ بَدَأَ فَأَمَرَ أَنْ يُكَفَّنَ فِي ثَوْبَيْهِ، وَيَدُلُّ عَلَى أَنَّ إِحْرَامَهُ قَائِمٌ وَإِنْ كَانَ مَيِّتًا، لِأَنَّهُ أَمَرَ أَنْ يَجْتَنِبَ بَعْدَ وَفَاتِهِ مَا كَانَ يَجْتَنِبُهُ فِي حَيَاتِهِ، وَأَدْبَرَ بِأَنَّهُ يُبْعَثُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مُلَبِّيًا وَقَدِ اخْتَلَفُوا فِي تَخْمِيرِ وَجْهِهِ، فَأَمَّا مَنْ قَالَ: إِذَا مَاتَ الْمُحْرِمُ ذَهَبَ إِحْرَامُهُ، فَلَا مَعْنًى لِلْمَسْأَلَةِ عَنْ مَذْهَبِهِ، لِأَنَّهُ يَرَى أَنْ يُفْعَلَ بِهِ كَمَا يُفْعَلُ بِسَائِرِ الْمَوْتَى، وَقِيَاسُ قَوْلِ مَنْ رَأَى أَنَّ لِلْمُحْرِمِ الْحَيِّ أَنْ يُخَمِّرَ وَجْهَهُ أَنْ يَقُولَ: يُخَمَّرُ وَجْهُ الْمُحْرِمِ الْمَيِّتِ، وَمِمَّنْ كَانَ لَا يَرَى بَأْسًا أَنْ يُخَمِّرَ الْمُحْرِمُ وَجْهَهُ سَعْدُ بْنُ أَبِي وَقَّاصٍ، وَجَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللهِ، وَالْقَاسِمُ بْنُ مُحَمَّدٍ، وَطَاوُسٌ، وَالثَّوْرِيُّ، وَالشَّافِعِيُّ، وَأَحْمَدُ، وَإِسْحَاقُ، وَأَبُو ثَوْرٍ، وَكَرِهَتْ طَائِفَةٌ مِنْ أَصْحَابِ الْحَدِيثِ أَنْ يُخَمِّرَ الْمُحْرِمُ وَجْهَهُ، وَأَنْ يُخَمَّرَ وَجْهُ الْمُحْرِمِ الْمَيِّتِ، وَاحْتَجَّ بَعْضُهُمْ بِأَحَادِيثَ مِنْهَا مَا.
2959- حَدَّثَنَاهُ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ الصَّائِغُ، قَالَ: ثنا سُفْيَانُ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي مُحْرِمٍ مَاتَ قَالَ: «لَا تُخَمِّرُوا وَجْهَهُ وَاغْسِلُوهُ بِمَاءٍ وَسِدْرٍ، فَإِنَّهُ يُبْعَثُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ يُلَبِّي».

.ذِكْرُ غَسْلِ الشَّهِيدِ:

ثَابِتٌ عَنْ رَسُول اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ لَمْ يَغْسِلْ شُهَدَاءَ أُحُدٍ، وَلَمْ يُصَلِّ عَلَيْهِمْ.
2960- أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ، أَنَّ ابْنَ شِهَابٍ، حَدَّثَهُ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ، أَنَّ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللهِ، أَخْبَرَهُ أَنَّ رَسُول اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَجْمَعُ بَيْنَ الرَّجُلَيْنِ مِنْ قَتْلَى أُحُدٍ ثُمَّ يَقُولُ: «أَيُّهُمْ أَكْثَرُ أَخْذًا لِلْقُرْآنِ؟» فَإِذَا أُشِيرَ لَهُ إِلَى أَحَدِهِمْ قَدَّمَهُ فِي اللَّحْدِ، وَقَالَ: «أَنَا شَهِيدٌ عَلَى هَؤُلَاءِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ»، وَأَمَرَ بِدَفْنِهِمْ بِدِمَائِهِمْ، وَلَمْ يُصَلِّ عَلَيْهِمْ، وَلَمْ يُغَسَّلُوا.
وَقَدِ اخْتَلَفُوا فِي غَسْلِ الشَّهِيدِ فَقَالَ عَامَّةُ أَهْلِ الْعِلْمِ: لَا يُغْسَلُ كَذَلِكَ قَالَ مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ وَمَنْ تَبِعَهُ مِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ، وَبِهِ قَالَ الْحَكَمُ، وَحَمَّادٌ، وَأَصْحَابُ الرَّأْيِ وَمَنْ وَافَقَهُمْ مِنْ أَهْلِ الْكُوفَةِ، وَبِهِ قَالَ الشَّافِعِيُّ، وَأَصْحَابُهُ، وَكَذَلِكَ قَالَ أَحْمَدُ، وَإِسْحَاقُ، وَأَبُو ثَوْرٍ، وَكَذَلِكَ قَالَ عَطَاءٌ، وَسُلَيْمَانُ بْنُ مُوسَى، وَيَحْيَى الْأَنْصَارِيُّ، وَإِبْرَاهِيمُ النَّخَعِيُّ، وَكَانَ الْحَسَنُ وَسَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ يَقُولَانِ: يُغْسَلُ فَإِنَّ كُلَّ مَيِّتٍ يُجْنِبُ، وَسُئِلَ ابْنُ عُمَرَ عَنْ غُسْلِ الشَّهِيدِ فَقَالَ: قَدْ غُسِلَ عُمَرُ، وَكُفِّنَ، وَحُنِّطَ، وَصُلِّيَ عَلَيْهِ وَكَانَ شَهِيدًا.

.ذِكْرُ الصَّبِيِّ وَالْمَرْأَةِ يُقْتَلَانِ فِي الْمَعْرَكَةِ:

وَاخْتَلَفُوا فِي الصَّبِيِّ وَالْمَرْأَةِ يُقْتَلَانِ فَكَانَ الشَّافِعِيُّ يَقُولُ: يُصْنَعُ بِهِمَا مَا يُصْنَعُ بِالشُّهَدَاءِ، لَا يُغْسَلَانِ وَلَا يُصَلَّى عَلَيْهِمَا، وَكَذَلِكَ قَالَ أَبُو ثَوْرٍ، وَقَالَ يَعْقُوبُ وَمُحَمَّدٌ: يُصْنَعُ بِالْوِلْدَانِ مَا يُصْنَعُ بِالشُّهَدَاءِ وَلَا يُغْسَلُونَ، وَكَانَ النُّعْمَانُ يَقُولُ: أَمَّا النِّسَاءُ وَالرِّجَالُ فَلَا يُغْسَلُونَ، وَيُصْنَعُ بِهِمْ مَا يُصْنَعُ بِالشَّهِيدِ، وَأَمَّا الْوِلْدَانُ الَّذِينَ لَيْسَتْ لَهُمْ ذُنُوبٌ يُغْسَلُونَ.
قَالَ أَبُو بَكْرٍ: لَمَّا كَانَتِ السُّنَّةُ فِي غَسْلِ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَالْوِلْدَانِ وَالصَّلَاةُ عَلَيْهِمْ سَبِيلًا وَاحِدًا حَيْثُ يُغْسَلُونَ وَيُصَلَّى عَلَيْهِمْ، كَانَ كَذَلِكَ سَبِيلُهُمْ فِي الْمَوْضِعِ الَّذِي يُوقَفُ عَنْهُ عَنْ غَسْلِهِمْ وَالصَّلَاةِ عَلَيْهِمْ سَبِيلًا وَاحِدًا اسْتِدْلَالًا بِالسُّنَّةِ، لَا فَرْقَ بَيْنَ الْأَخْيَارِ وَالْأَشْرَارِ، وَالَّذِينَ لَهُمْ ذُنُوبٌ، وَالَّذِينَ لَا ذُنُوبَ لَهُمْ فِي ذَلِكَ إِنْ شَاءَ اللهُ.

.ذِكْرُ غَسْلِ مَنْ قَتَلَهُ غَيْرُ أَهْلِ الشِّرْكِ:

وَاخْتَلَفُوا فِيمَنْ قَتَلَهُ غَيْرُ أَهْلِ الشِّرْكِ فَكَانَ الشَّعْبِيُّ يَقُولُ: مَنْ قَتَلَهُ اللُّصُوصُ لَمْ يُغْسَلْ، وَقَالَ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ: مَنْ قُتِلَ مَظْلُومًا لَمْ يُغْسَلْ، وَكَذَلِكَ قَالَ الْأَوْزَاعِيُّ فِيمَنْ يُقْتَلُ فِي نَفْسِهِ، أَوْ قَتَلَهُ اللُّصُوصُ، وَبِهِ قَالَ أَحْمَدُ، وَأَصْحَابُ الرَّأْيِ فِيمَنْ قَتَلَهُ اللُّصُوصُ، وَكَانَ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ يَقُولَانِ: يُغْسَلُونَ وَيُصَلَّى عَلَيْهِمْ قَالَ الشَّافِعِيُّ: الْغُسْلُ وَالصَّلَاةُ سُنَّةٌ فِي بَنَى آدَمَ، لَا يَخْرُجُ مِنْهَا إِلَّا مَنْ تَرَكَهُ رَسُول اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَهُمُ الَّذِينَ قَتَلَهُمُ الْمُشْرِكُونَ الْجَمَاعَةُ خَاصَّةً فِي الْمَعْرَكَةٍ.
قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَهَذَا الَّذِي قَالَهُ مَالِكٌ، وَالشَّافِعِيُّ حَسَنٌ، وَرُوِّينَا عَنْ أَسْمَاءَ بِنْتِ أَبِي بَكْرٍ أَنَّهَا غَسَلَتْ عَبْدَ اللهِ بْنَ الزُّبَيْرِ بَعْدَمَا تَقَطَّعَتْ أَوْصَالُهُ.

.ذِكْرُ الْغُسْلِ مِنْ غَسْلِ الْمَيِّتِ:

وَاخْتَلَفُوا فِي الِاغْتِسَالِ مِنْ غَسْلِ الْمَيِّتِ، فَقَالَتْ طَائِفَةٌ: لَا غُسْلَ عَلَى مَنْ غَسَلَ مَيِّتًا، هَذَا قَوْلُ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَابْنِ عُمَرَ، وَعَائِشَةَ، وَالْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ، وَالنَّخَعِيِّ، وَبِهِ قَالَ الشَّافِعِيُّ، وَأَحْمَدُ، وَإِسْحَاقُ، وَأَبُو ثَوْرٍ، وَأَصْحَابُ الرَّأْيِ.
2961- حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ عَطَاءٍ، سُئِلَ ابْنُ عَبَّاسٍ أَعْلَى مَنْ غَسَلَ مَيِّتًا غُسْلٌ؟ قَالَ: «لَا قَدْ إِذًا نَجَّسُوا صَاحِبَهُمْ، وَلَكِنْ وُضُوءًا».
2962- حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنِ الثَّوْرِيِّ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، قَالَ: سَأَلْتُ ابْنَ عُمَرَ: أَغْتَسِلُ مِنَ الْمَيِّتِ؟ قَالَ: أَمُؤْمِنٌ هُوَ؟ قُلْتُ: أَرْجُو قَالَ: فَتَمَسَّحْ بِالْمُؤْمِنِ وَلَا تَغْتَسِلْ مِنْهُ.
2963- حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ، قَالَ: ثنا أَبُو بَكْرٍ، قَالَ: ثنا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، عَنِ الْجَعْدِ، عَنْ عَائِشَةَ بِنْتِ سَعْدٍ، قَالَتْ: أَذِنَ سَعْدٌ بِجِنَازَةِ سَعِيدِ بْنِ زَيْدٍ وَهُوَ بِالْبَقِيعِ، فَجَاءَ فَغَسَلَهُ وَكَفَّنَهُ وَحَنَّطَهُ، ثُمَّ أَتَى دَارَهُ فَصَلَّى عَلَيْهِ، ثُمَّ دَعَا بِمَاءٍ فَاغْتَسَلَ، ثُمَّ قَالَ: إِنِّي لَمْ أَغْتَسِلْ مِنْ غَسْلِهِ، وَلَوْ كَانَ نَجِسًا مَا غَسَلْتُهُ، وَلَكِنِ اغْتَسَلْتُ مِنَ الْحَرِّ.
2964- وَحَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ، قَالَ: ثنا أَبُو بَكْرٍ، قَالَ: ثنا وَكِيعٌ، عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ يَزِيدَ الرِّشْكِ، عَنْ مُعَاذَةَ، عَنْ عَائِشَةَ، أَنَّهَا سُئِلَتْ: عَلَى الَّذِي يَغْسِلُ الْمُتَوَفَّى غَسْلٌ؟ قَالَتْ: لَا.
2965- حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنْ هِشَامِ بْنِ حَسَّانَ، عَنْ بَكْرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ الْمُزَنِيِّ، قَالَ: أَخْبَرَنِي عَلْقَمَةُ الْمُزَنِيُّ، قَالَ: غَسَلَ أَبَاكَ أَرْبَعَةً مِنْ أَصْحَابِ الشَّجَرَةِ، فَمَا زَادُوا عَلَى أَنِ احْتَجَزُوا عَلَى ثِيَابِهِمْ، فَلَمَّا تَفَرَّغُوا تَوَضَّئُوا وُضُوءً.
وَقَالَ: وَسَمِعْتُ أَبَا الشَّعْثَاءِ يَقُولُ: أَلَّا تَتَّقُونَ اللهَ تَغْتَسِلُونَ مِنْ مَوْتَاكُمْ، أَأَنْجَاسٌ هُمْ؟.
2966- حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ، قَالَ: ثنا أَبُو بَكْرٍ، قَالَ: ثنا عَبَّادُ بْنُ الْعَوَّامِ، عَنْ حَجَّاجٍ، عَنْ عَطَاءٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَابْنِ عُمَرَ قَالَا: لَيْسَ عَلَى غَاسِلِ الْمَيِّتِ غَسْلٌ. وَقَدْ رُوِّينَا عَنْ عَلِيٍّ، وَأَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّهُمَا قَالَا: مَنْ غَسَلَ مَيِّتًا فَلْيَغْتَسِلْ، وَكَذَلِكَ قَالَ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ، وَابْنُ سِيرِينَ، وَالزُّهْرِيُّ.
2967- حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ، قَالَ: سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ قَالَ: ثنا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: ثنا مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ عَلْقَمَةَ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّهُ قَالَ: مِنْ غَسْلِ الْمَيِّتِ الْغُسْلُ.
2968- وَحَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنِ الْحَارِثِ، عَنْ عَلِيٍّ، قَالَ: مَنْ غَسَلَ مَيِّتًا فَلْيَغْتَسِلْ. وَقَالَ النَّخَعِيُّ وَأَحْمَدُ وَإِسْحَاقُ: يَتَوَضَّأُ.
قَالَ أَبُو بَكْرٍ: الِاغْتِسَالُ مِنْ غَسْلِ الْمَيِّتِ لَا يَجِبُ، وَلَيْسَ فِيهِ خَبَرٌ يُثْبَتُ، قَالَ أَحْمَدُ: لَا يُثْبَتُ فِيهِ حَدِيثٌ، وَقَدْ أَجْمَعَ أَهْلُ الْعِلْمِ عَلَى أَنَّ رَجُلًا لَوْ مَسَّ جِيفَةً، أَوْ دَمًا، أَوْ خِنْزِيرًا مَيِّتًا، أَنَّ الْوُضُوءَ غَيْرُ وَاجِبٍ عَلَيْهِ، فَالْمُسْلِمُ الْمَيِّتُ أَحْرَى أَنْ لَا يَكُونَ عَلَى مَنْ مَسَّهُ طَهَارَةٌ، وَاللهُ أَعْلَمُ.

.ذِكْرُ الْمَجْذُومِ يُخَافُ تَهَرِّي لَحْمُهُ إِنْ غُسِلَ:

وَاخْتَلَفُوا فِي الْمَجْذُومِ إِذَا مَاتَ كَيْفَ يُغْسَلُ؟ فَكَانَ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ يَقُولُ: يُغْسَلُ فَإِنْ لَمْ يَقْدِرُوا عَلَى غَسْلِهِ صُبَّ عَلَيْهِ الْمَاءُ صَبًّا، وَقَالَ مَالِكٌ فِي الْمَجْذُومِ وَالَّذِي يَسْقُطُ عَلَيْهِ الْهَدْمُ وَتُهَشِّمُ رَأْسَهُ وَعِظَامَهُ: يُغْسَلَانِ مَا لَمْ يَتَفَاحَشْ ذَلِكَ مِنْهُمَا، فَإِنْ تَفَاحَشَ صُبُّ عَلَيْهِ الْمَاءُ، وَقَالَ أَحْمَدُ وَإِسْحَاقُ فِي الْمَجْذُومِ إِذَا خَشَوْا عَلَيْهِ أَنْ يَتَهَرَّى وَيَسِيلُ الدَّمُ: يَمِّمُوهُ.
قَالَ أَبُو بَكْرٍ: إِذَا خِيفَ عَلَيْهِ تَهَرِّي لَحْمُهُ يَتَيَمَّمُ، كَمَا يُفْعَلُ بِهِ ذَلِكَ فِي حَالِ الْحَيَاةِ.

.ذِكْرُ الْجُنُبِ يُقْتَلُ فِي الْمَعْرَكَةِ:

وَاخْتَلَفُوا فِي الْجُنُبِ يُقْتَلُ فِي الْمَعْرَكَةِ، فَقَالَتْ طَائِفَةٌ: لَا يُغْسَلُ وَلَا يُصَلَّى عَلَيْهِ، كَذَلِكَ قَالَ أَبُو ثَوْرٍ، وَقَالَ يَعْقُوبُ وَمُحَمَّدٌ: جُنُبًا كَانَ أَوْ غَيْرَ جُنُبٍ لَا يُغْسَلُ، وَحَكَى أَبُو ثَوْرٍ عَنِ النُّعْمَانِ أَنَّهُ قَالَ: يُغْسَلُ.
قَالَ أَبُو بَكْرٍ: لَا يُغْسَلُ لِأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَنَّ تَرْكَ غَسْلِ الشَّهِيدِ وَالصَّلَاةِ عَلَيْهِ، فَذَلِكَ عَامٌّ لَا يُسْتَثْنَى مِنْهُ أَحَدٌ، وَاللهُ أَعْلَمُ، بِغَيْرِ حُجَّةٍ.

.جِمَاعُ أَبْوَابِ الْأَكْفَان:

.ذِكْرُ اسْتِحْبَابِ تَكْفِينِ الْمَيِّتِ فِي ثَلَاثَةِ أَثْوَابٍ بِيضٍ جُدُدٍ لَيْسَ فِيهِنَّ قَمِيصٌ وَلَا عِمَامَةٌ:

2969- أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَنَسُ بْنُ عِيَاضٍ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ، أَنَّهَا قَالَتْ لَمَّا اشْتَدَّ مَرَضُ أَبِي بَكْرٍ قَالَ: أَيُّ يَوْمٍ تُوُفِّيَ رَسُول اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ قَالَتْ: فَقُلْتُ: يَوْمَ الْإِثْنَيْنِ قَالَ: فَقَالَ: فَأَيُّ يَوْمٍ هَذَا؟ فَقُلْتُ يَوْمُ الْإِثْنَيْنِ فَقَالَ: إِنِّي أَرْجُو مِنَ اللهِ مَا بَيْنِي وَبَيْنَ اللَّيْلِ قَالَتْ: فَمَاتَ لَيْلَةَ الثُّلَاثَاءِ فَقَالَ: فِي كَمْ كُفِّنَ رَسُول اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ فَقَالَتْ: كُنَّا كَفَّنَّاهُ فِي ثَلَاثَةِ أَثْوَابٍ سُحُولِيَّةٍ جُدُدٍ بِيضٍ، لَيْسَ فِيهَا قَمِيصٌ وَلَا عِمَامَةٌ فَقَالَ: اغْسِلُوا ثَوْبِي هَذَا، وَبِهِ رَدْعُ زَعْفَرَانٍ أَوْ مِشْقٍ، وَاجْعَلُوا مَعَهُ ثَوْبَيْنِ جَدِيدَيْنِ، فَقُلْتُ: إِنَّهُ خَلِقٌ فَقَالَ: الْحَيُّ أَحْوَجُ مِنَ الْمَيِّتِ إِنَّمَا هِيَ لِلْمُهْلَةِ.